أرشيف

جدل حول دستورية بقاء صالح بمنصبه

يدور في اليمن جدل سياسي وقانوني بشأن دستورية بقاء الرئيس علي عبد الله صالح في منصبه، نظرا لمكوثه أكثر من 60 يوما خارج البلد في حالة مرضية، بعد إصابته وكبار مسؤولي الدولة في حادث انفجار بمسجد دار الرئاسة في العاصمة صنعاء أوائل يونيو/حزيران الماضي.
 
وأكد المحامي المعروف عبد العزيز السماوي في وقت سابق أن صالح بات رئيسا غير شرعي، وأشار إلى أن الدستور ينص في المادة 124 على أنه في حال غياب الرئيس عن البلاد لمدة 60 يوما متتالية وتعذر عليه ممارسة مهامه الدستورية، يصبح في حكم المستقيل وتنقل صلاحياته مباشرة إلى نائبه أو إلى رئيس البرلمان.

ويتفق القيادي بأحزاب اللقاء المشترك نائف القانص مع هذا الرأي القانوني، وقال للجزيرة نت إن الرئيس فقد شرعيته تماما، فهو أصبح عاجزا عن ممارسة مهامه من خلال الصورة التي ظهر عليها بعد حادث تفجير دار الرئاسة، وبموجب المادة 116 من الدستور -يواصل المتحدث- فإن مهامه وصلاحياته تنتقل إلى نائبه، وخلال 60 يوما تجرى انتخابات رئاسية.

سقوط كامل
وأضاف القانص أن النظام سقط بأكمله من خلال سقوط شرعية مجلس النواب التي قال إن فترته انتهت يوم 27 أبريل/أيار الماضي، مشيرا إلى أن البلد يعيش حاليا فراغا دستوريا، في مقابل شرعية ثورية.

وأشار إلى أن أحزاب المشترك حددت يوم 17 رمضان الجاري موعدا لانعقاد الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية التي قال إنها ستشكل الحاضن الوطني للثورة الشعبية باليمن، وستختار من بينها مجلسا وطنيا يتولى قيادة قوى الثورة واستكمال عملية التغيير الثوري والسياسي وتلبية تطلعات اليمنيين نحو الدولة المدنية الحديثة.

وبشأن تردد الأنباء عن توقيع مرتقب للرئيس صالح على المبادرة الخليجية، قال القانص إن وقع الرئيس عليها فذلك خير له لإنقاذه من المحاكمة، وإن لم يوقع فالأمور محسومة وشرعيته انتهت، والثورة ستمضي في قيادة البلد وإنهاء سيطرة بقايا النظام على مؤسسات الدولة.

وفي المقابل اعتبر أحمد الصوفي السكرتير الإعلامي للرئيس اليمني في حديث للجزيرة نت أن ما يدور من جدل حول غياب صالح لا يستند إلى أرضية قانونية أو دستورية، مشيرا إلى أن الذين يفتعلون هذا الجدل هم في دائرة الاتهام بمحاولة اغتيال الرئيس وتصفيته جسديا، وقال إنهم يحاولون تصفيته بطريقة قانونية وسياسية بعد فشلهم في تصفيته جسديا.

تصفية
ورأى الصوفي أن حقيقة الوضع تكشف أن الرئيس منذ اللحظة الأولى لمغادرته إلى الرياض للعلاج كان يمارس وظيفته الدستورية من خلال ضبطه لإيقاع الحياة السياسية وإعطائه الأوامر لوقف إطلاق النار في العاصمة صنعاء، ثم استقباله مجموعة من قيادات ومسؤولي الدولة وإعطائهم التوجيهات اللازمة، وكذلك استقباله وفودا دولية والتباحث معهم حول الأوضاع باليمن.

وأشار إلى أن الرئيس صالح أطل عبر وسائل الإعلام وخاطب الشعب اليمني وتواصل مع القيادات العربية والأجنبية، سواء عبر الهاتف أو البرقيات التي كان يثابر على إرسالها إلى رؤساء الدول الشقيقة والصديقة.

وأكد الصوفي أن كل هذا يدل على أن الرئيس كان في قلب أداء مهامه الدستورية، وبالتالي تماسك الدولة واستقرارها رغم غيابه عن الوطن، وقال “لا يوجد لدينا قلق بشأن فتح الجدل حول دستورية بقاء الرئيس في منصبه”، واصفا هذا الجدل الذي تثيره المعارضة بأنه سخيف وعقيم، ويدل أنهم يشعرون بالفراغ الذهني.

ومن جانبه، نفى المحامي حزام المريسي في حديث للجزيرة نت وجود نص صريح في الدستور اليمني يحدد فترة 60 يوما لغياب الرئيس عن الوطن تكون سببا في فقدان شرعيته كرئيس.

وقال إن كل ما ورد في الدستور بحسب المادة 116 هو فراغ منصب الرئيس فراغا كليا، ويتحقق بالوفاة أو العجز الكلي عن ممارسة مهامه، وهذا بحاجة إلى تقرير خبرة يؤكد عجز الرئيس الكامل عن الممارسة الوظيفية، وكلتا الحالتين لم تتحقق في حالة صالح الراهنة.

فراغ لم يتحقق
وبشأن تخويل الرئيس نائبه ببعض الصلاحيات، نفى المريسي وجود نص في الدستور يخول ذلك، وأكد أن نائب الرئيس يمارس صلاحياته كنائب للرئيس وليس بدلا عن الرئيس، مؤكدا أن الفراغ لمنصب الرئيس لم يتحقق دستوريا.

ورأى المريسي أن ما يجري في اليمن ليس أزمة سياسية أو فراغا دستوريا لمنصب الرئيس، مؤكدا أن في اليمن ثورة شعبية شاملة، والثورة لها حكمها بعيدا عن الشرعية الدستورية، فهذه الثورة تواجه نظاما سياسيا وتريد إسقاطه.

واعتبر أن الرئيس صالح فقد الشرعية بخروج الشعب إلى الشارع يطالبه بالرحيل وإسقاط نظامه، كما فقد شرعيته بارتكاب أول خرق دستوري قام به حين استخدم كل الوسائل المجرمة في الدستور والقوانين باليمن لإجهاض إرادة الشعب في التغيير.

ولفت المريسي إلى أن الرئيس وفقا لنص المادة 110 من الدستور اليمني ملزم بتجسيد إرادة الشعب، ومخالفة الرئيس لهذا النص يعتبر خرقا دستوريا يحق بموجبه للشعب أن يخلعه، والأصل وفقا للدستور أن الشعب يحكم نفسه بنفسه، وهو مالك السلطة ومصدرها، ويحق له استخدام كل الوسائل لتحقيق إرادته في حكم نفسه.

المصدر: الجزيرة

زر الذهاب إلى الأعلى